1- مقدمــة :
العمارة هي أم الفنون وهى أول فن أبدعه الإنسان ليغلف كل أنشطته المعيشية وهى مرآة للمجتمع بكل حضارته وعاداته وتقاليده وقيمه 0
فالمعماري فنان مبدع ، مرهف الحس يعبر عما بداخله من أفكار وخواطر في صورة نتاج معماري أو عمراني0 والمعماري في إبداعه ينجز عملاً فنياً ذو علاقات بصرية وجمالية ووظيفية تتفاعل مع البيئة العمرانية المحيطة .
والمعماري واعي باحتياجات المجتمع وإمكانات المكان والبيئة المحيطة والوسائل والأدوات التي تمكن من استيفاء الاحتياجات وتحقيق الأهداف في ظل ضوابط ومحددات المكان والموارد .
والمعماري قادر على التعامل مع المشاكل بصورة علمية ومنظمة على أسس وقواعد محددة0
وأخيراً فالمعماري قادر على تحويل احتياجات المجتمع إلى علاقات وظيفية لتتحول فيما بينها لفراغات مدروسة تعكس في النهاية صورة لمبنى متميز له فكر ووظيفة ناجحة 0
وقد أصبح لكل مبنى على حدة عملا معماريا مميزا فظهرت الأفكار والمدارس المعمارية التي تضم معماريين ذوى أفكار خاصة ثم تحول العمل المعمارى إلى مسابقات يتنافس فيها معماريون لكل منهم أفكاره التي تعبر عن مدرسة معمارية ينبع منها عمل مميز سليم له بعد جديد 0 (مرجع3ص9)
2- إشكالية البحث :
إن الهدف الأساسي للعمل المعمارى هو إشباع الاحتياجات الإنسانية ، وترجمتها إلى احتياجات فراغية تتناسب مع الأنشطة المختلفة لمختلف نوعيات المستعملين تبعا للفئة العمرية والفكرية والثقافية والمستوى المادي والفكري والاجتماعي .
والواقع أن هذا الهدف يتحقق بنسب متفاوتة من عمل معماري إلى آخر0 ففي بعض الأحيان تكون الفراغات الوظيفية داخل الأعمال المعمارية مصممة بطريقة عشوائية لا تمتلك من مبادئ التصميم المعمارى السليم إلا القليل فضلاً عن أن هناك أعمال معمارية تبدو من الخارج بصورة مشوهة متدهورة .
وهنا تظهر المشكلة الأساسية : ما سبب تدهور التصميم المعماري ؟
هل هو تقليص دور المهندس المعمارى ذي الدراسة والمعرفة لعناصر التصميم المعمارى والتشطيبات المناسبة أم غيابه نهائياً في بعض الأحيان من مسرح العمل والإنتاج المعمارى أم قصور القوانين واشتراطات البناء والتي لم تعطه دورا واضحا وثابتا ، رغم أن المهندس المعمارى هو حلقة الوصل بين القوانين المشرعة والمالك والمستخدم والمعايير المحددة للعمل المعمارى ، وهو الوحيد القادر على خلق التوافق والتناغم بين كل هذه العناصر0
لما سبق كانت هذه الورقة البحثية للوقوف على إمكانية السيطرة على هذا الخلل العمراني .
3- متطلبات العمل المعمارى الناجح :
يتطلب العمل المعمارى الناجح توافر عدة عناصر حتى يحقق بكفاءة الدور الذي أنشأ من أجله . فالمباني ما هي إلا أغلفة لفراغات تخدم الأنشطة الإنسانية المختلفة التي تحتاج عند مزاولتها مسطحات وبنية بشكل معين .
3-1- التوافق الوظيفي :
تختلف متطلبات التوافق الوظيفي من عمل معماري إلى آخر باختلاف نوع الأنشطة اليومية التي تمارس داخل هذه الفراغات والعلاقات فيما بينها 0 وهى تتطلب دراسة أبعاد الإنسان أثناء ممارسة الأنشطة داخل الفراغات كذلك دراسة وحساب مسطحات الفراغات المختلفة وتوفيق العلاقات فيما بينها وكيفية توزيعها وظيفياً .
ويقاس نجاح المهندس المعمارى بمقدار تفوقه في دراسة عناصر المشروعات المختلفة وحساب مسطحاتها وإيجاد شبكة العلاقات المختلفة بين تلك العناصر، ليقدم في النهاية مبنا ناجحا وظيفيا لا يتطلب تعديلات وإضافات من المستخدمين .
3-2- التوافق الإنشائي :
ويحددها المهندس المعمارى حسب تصوراته وتصميماته المعمارية ، ووفقاً لطبيعة المشروع وفراغاته واستخداماته0 ويكمل هذا الدور المهندس الإنشائي بحساباته ليحقق- بقدر الإمكان- فكر المهندس المعمارى .
والمهندس المعمارى على معرفة تامة بعناصر وطرق الإنشاء وإمكانياتها المعمارية والإنشائية وهو يدرس أيضا طبيعة المواد والخامات المختلفة وطرق استخدامها 0
3-3- التوافق الجمالي :
تظهر الناحية الجمالية ( التشكيلية) ، الفكرة المعمارية والإنشائية وتحقق الراحة النفسية للناظر إليها، فهي الرسالة الموجهة من المعمارى إلى المجتمع تعبيرا عن قدراته الإبداعية في إنتاج عمل متميز يبرز طبيعة وطراز المشروع المعمارى ويعكس استخداماته واحتياجاته الوظيفية في صورة جمالية معبرة عن حقيقة التكوين المعمارى .
3-4- التوافق البيئي :
تشمل البيئة كل ما يحيط المشروع المعمارى من ظروف مناخية أو جيولوجية أو عمرانية أو صناعية وهذه الظروف تختلف من موقع لآخر .
والعمل المعمارى الناجح هو العمل المتوافق مع البيئة المحيطة ، يتفاعل مع كل عنصر من عناصرها والمعماري هو الوحيد القادر على تحقيق هذا التوافق من خلال دراسته الجامعية وخبراته العملية باستخدامه المفردات التشكيلية المختلفة والعناصر الطبيعية والصناعية للتحكم في عناصر البيئة كالتوجيه المناسب والانسجام مع الموقع .
3-5- التوافق الاجتماعي :
لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي تؤثر وتتأثر بالنتاج المعمارى ، ويعتمد المقياس الأساسي لمدى نجاح العمل المعمارى في قدرته على تحقيق متطلبات واحتياجات المستخدمين في ضوء ظروفهم الاجتماعية والثقافية والمادية ، وتوفير الخصوصية بأنواعها ومستوياتها المختلفة ، وبالتالي تمكن المهندس المعمارى من تحقيق الراحة النفسية لمستخدمي المباني والفراغات المختلفة دون الحاجة إلى إجرائهم تعديلات في الفراغات لتحقيق ما يفتقدونه 0
3-6- التوافق الاقتصادي :
يتحكم الوضع الاقتصادي للمجتمع في النتاج العمراني ، وتختلف المعايير الاقتصادية من منطقة عمرانية إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر .
والمهندس المعمارى عليه الموازنة بين الإبداع المعمارى ، بمتطلباته وتكاليفه وبين الجدوى الاقتصادية لهذا الإبداع ، فالمطلوب منه الوصول إلى نهاية المشروع دون تجاوز التكلفة المقررة ومع الالتزام بالقواعد والمعايير المعمارية الصحيحة وإضفاء الناحية الجمالية والتشكيلية واستخدام المفردات المعمارية المناسبة لانتاج عمل معماري مناسب ذو كفاءة عمرانية .
4- تدهور العمل المعماري :
مما سبق توضيحه فإن العمل المعمارى السليم هو العمل الذي يفي بالمتطلبات الوظيفية والإنشائية والجمالية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية كمطالب أساسية مرتبطة بتحقيق احتياجات الإنسان .
ونظراً لشمولية هذه الاحتياجات ، والارتباط الوثيق فيما بينها ، لدرجة يصعب معها فصل إحداها عن الأخرى ، فإن غياب إحدى هذه المتطلبات في العمل المعمارى يؤدى إلى خلل في هذا الناتج يؤثر على جميع جوانبه وعلى المنتج النهائي0(مرجع4ص21) وهنا تظهر أهمية دور المهندس المعمارى في التوفيق بين هذه المتطلبات ، ويترتب على غيابه فقد أحد الوظائف الأساسية للناتج المعمارى على النحو التالي :
4-1- فـقـد التوافق الوظيفي :
يتمثل الفقد الوظيفي في إسقاط عنصر من عناصر المشروع أو تحديد فراغات ذات مسطحات وأحجام أكبر أو أقل من المطلوبة لتأدية الأنشطة المصممة لها أو عشوائية توزيع الفراغات المعمارية مما يؤدى إلى ضعف العلاقات الهامة فيما بينها أو تغيير الوظيفة الأساسية للأعمال المعمارية .
وهنا يتدخل المستعملون بإجراء التعديلات والإضافات في الأعمال المعمارية بحرية تامة ، شعورا أن ملكيتهم للفراغ الوظيفي الداخلي تعطيهم الحق في تغيير التشكيل الخارجي ، رغم أنه ملكية عامة وذلك في غياب المهندس المعمارى مما يؤدى إلى تشويه المباني خارجياً على الواجهات وداخلياً في إعادة تشكيل وتوزيع الفراغات وتغيير استخداماتها ، بهدم حوائط وبناء أخرى دون التقيد بالنظام الإنشائي المتاح ، فالمهندس المعمارى يستخدم مجموعة من الأسس والمعايير الملائمة لكل مشروع وهى تقع ضمن مخزونه الفكري من خلال العملية التعليمية أو خبرته أو دراسته لأعمال مشابهة .
4-2- فـقـد توافق التصميم الإنشائي :
وهى تعنى الفشل في تحقيق الملاءمة الإنشائية للفراغات لسهولة استخدامها في الغرض المصممة من أجله .
فغياب المهندس المعمارى في تصميم أي مشروع يجعل المهندس الإنشائي يعمل في حرية تامة بدءً من اختيار نظام الإنشاء ثم تحديد مقاسات الأعمدة واتجاهاتها وشكلها 0 فتحديد اتجاه الكمرات وسمكها ومقدار سقوطها في الفراغات المعمارية دون التقيد بالشكل المعمارى النهائي لهذه الفراغات ومدى ما سيعانيه المستخدم في إجراء التعديلات والتغييرات المرتبطة بالتكوين الإنشائي لاصلاح ما شكله مهندس غير مختص .
كذلك يعانى المشروع في ظل غياب المهندس المعمارى من سوء اختيار المواد المستخدمة وألوانها وشكلها وطريقة تركيبها سواء داخل المبنى أو خارجه أو على واجهاته مما يعنى فشل المنتج النهائي في تحقيق الكفاءة لمستخدمي هذا المشروع .
4-3- فـقـد التوافق الجمالي :
وهو يعنى عدم نجاح المشروع النهائي في تحقيق الملاءمة الجمالية خارجيا مع البيئة المحيطة وداخليا مع مستخدمي الفراغات .
فغياب المهندس المعمارى يؤثر على توازن التشكيل المعمارى كالمقياس والنسب واختيار الخامات والألوان وطريقة توزيع الأثاث داخل الفراغات واختيار الفتحات الداخلية والخارجية لتتناسب مع الاستخدامات ، كذلك دراسة كميات الإضاءة الطبيعية والصناعية اللازمة للفراغ .
ومرة أخرى يبدأ المستخدمون في إجراء التعديلات والإضافات الغير مدروسة لاصلاح ما أفسده غير المعمارى وربما تكون النتيجة أسوأ من ذي قبل أو لا تؤدى الغرض المرجو منها.
4-4- فـقـد التوافق البيئي :
ويتمثل في عدم توافق المباني الحديثة مع البيئة العمرانية المحيطة واستخدام خامات ومواد نهو وعناصر ومفردات معمارية غير مناسبة بيئياً وغير متجانسة مع ما حولها ، كذلك الافتقار إلى الراحة الحرارية داخل الفراغات نتيجة خطأ التوجيه والمعالجات الخارجية ، أيضا استخدام ألوان غير مناسبة بيئيا ووظيفياً وانعدام التناغم فيما بينها ومع ما حولها من مباني.
فالبيئة العمرانية الناجحة هي تلك التي تحوى أعمال معمارية ناجحة ومنسجمة مع بعضها وهنا يظهر دور المعمارى واضحاً في إنجاح هذا العمل بدراسته وخبرته في تخطيط وتشكيل التصميم العمراني ليتناسب وظروف البيئة المحيطة 0
والمعماري دارس جيد للبيئة وظروفها ومشاكلها وقادر على معالجة مبناه لكي يتوافق بيئيا مع ما حوله من عناصر مثل تجانس مبناه عمرانياً مع البيئة المحيطة باستخدام طرز ومفردات وألوان منسجمة مع المحيط العمراني ، كذلك تشكيل الكتل المعمارية لتحوى فراغات تلعب دوراً بيئيا هاماً وتوجيه تلك الكتل لتتناسب مناخياً مع البيئة الحرارية
فغير المعمارى ليس له القدرة على الابتكار والتصميم لذلك فهو يصمم بفكر محدود وسرعان ما يكرر تصميمه في البيئات المختلفة دون التقيد أن ما يصلح لبيئة لا يناسب بيئة أخرى .
4-5- فـقـد التوافق الاجتماعي :
كما ذكر سابقا فإن غياب المهندس المعمارى يجعل التصميم العمراني ذو فراغات غير مدروسة تفتقد الخصوصية البصرية والسمعية كذلك تفتقد الخصوصية سواء على مستوى تخطيط المباني وعلاقتها مع بعضها أو على مستوى المبنى نفسه من حيث فراغاته الداخلية مما يجعل المستخدم يشعر دائما بعدم الارتياح والرضا ويلجأ في أحيان كثيرة إلى إغلاق فتحات أو تضييق مسطحاتها حتى يعيد الخصوصية المفتقدة ، وفى بعض الأحيان يلجأ إلى استخدام مواد لها صفات العزل البصري أو السمعي وبالتالي تشويه الواجهات الخارجية للمباني .
فكما يدرس المهندس المعمارى موقع مشروعه بيئيا يدرس أيضاً طبيعة موقع المشروع من الناحية الاجتماعية لمعرفة متطلبات المستخدمين لتلبية احتياجاتهم قدر الإمكان واحترام عاداتهم وتقاليدهم فيؤثر ذلك على المشروع النهائي وتتلاشى تقريباً عمليات تغييرات وإضافات المستعملين سواء داخلياً أو خارجياً .
4-6- فـقـد التوافق الاقتصادي :
أدى الركود الاقتصادي إلى محاولة التوفير قدر الإمكان في جميع الأعمال التصميمية والتنفيذية عند إقامة المشروعات ، فقد يشمل التوفير تقليص دور المهندسين القائمين على تصميم وتنفيذ المشاريع المعمارية ولأنه من المستحيل توفير المهندس الإنشائي خوفاً من انهيار المنشأ والتعرض للمسئولية ، إلا أنه يمكن توفير المهندس المعمارى والكهرباء والميكانيكي ، فإما بأن يتولى المهندس الإنشائي التصميم الكامل للمشروع لخفض تكلفة الرسومات أو يقوم المالك بالتصميم المعمارى للمشروع ويترك للإنشائي مهمة التصميم الإنشائي ويشاركه التنفيذ لمحاولة التوفير .
أيضاً قد تلجأ الجدوى الاقتصادية للمالك إلى العمل على خفض المسطحات لوحدات المشروع بغرض الحصول على عدد أكبر من هذه الوحدات 0 إلى جانب النزول بمستوى تشطيبات الأعمال المعمارية والإنشائية عن طريق استخدام مواد قليلة الجودة والكفاءة المهم هو الأرخص كذلك محاولة تخفيض الأعمال التكميلية قدر الإمكان ، وفى النهاية منتج معماري سيئ من حيث التصميم والإشراف0 وتبدأ المشكلة من قبل المستخدمين في إعادة التصميم والتشطيب الداخلي والخارجي لوحداتهم مما يؤثر على وحدة المنتج المعمارى داخليا وخارجيا مما يشوه البيئة العمرانية0
والسؤال الذي يجب أن نطرحه : هل توفير أتعاب المهندس المعمارى خدم المشروع أم أدى إلى تشويهه ؟
إن دور المهندس المعمارى هو التوافق بين التصميم الناجح في ظل الجدوى الاقتصادية المتاحة للمشروع وهو ما لا يستطيع أن يتوصل إليه أي مهندس في تخصص آخر أو أي شخص
6- الدراسة التحليلية :
تم اختيار نموذجين لفيلتين في إحدى مدن التجمعات العمرانية الجديدة ، مدينة العبور- الحي السابع المتميز فيلات 0 هذه المنطقة تعد من المناطق الراقية في مدينة العبور ، وهى منطقة فيلات فقط لذا فقيمة الأراضي فيها مرتفعة الثمن عن باقي أحياء المدينة 0
ومع ذلك ورغم ثقافة الملاك فان النهج واحد وهو محاولة التوفير قدر الإمكان بداية من المهندس المعمارى واستخدام خامات رديئة لا تتفق مع البيئة العمرانية المحيطة وكون المبنى فيلا سكنية تتسم بنوع من الفخامة 0
والنتيجة مبنى غير متوافق بيئيا مع المحيط العمراني فضلا عن أخطاء التصميم الداخلي وتشويه الفراغات الداخلية وعلاقاتها فيؤدى ذلك إلى خلل في الوظيفة والجمال المعمارى وفقد للخصوصية المطلوبة وفي النهاية إجراء بعض التعديلات من قبل المستخدمين لاصلاح ما أفسده غير المعمارى وللبحث عن العناصر والمحددات المطلوبة مما يزيد من التكلفة المحددة لاقامة المشروع 0
7- التوصيات :
يتضح من الدراسة السابقة أن غياب المهندس المعمارى في أي مرحلة من مراحل تصميم وتنفيذ المشروع يؤدي إلى ضياع الهوية العمرانية المحددة للمنطقة ويصل بنا إلي عشوائيات التصميم على المستوى العمراني فيتدخل غير المعمارى لاقتراح ولتنفيذ الرغبات الشخصية للمستعملين دون علم أو دراسة أو خبرة 0
وللارتقاء بالبيئة العمرانية لابد من تفعيل دور المهندس المعمارى في المشروعات العمرانية بمجموعة من المحددات أهمها :
7-1- المهندس المعمارى :
أ- الارتقاء بالمهندس المعمارى شخصيا ذلك من خلال دوام تطوير الدراسة الجامعية وتنمية فكره لمواكبة التطور التكنولوجي الحديث فهو المؤثر الفعال في الرقى بذوق المجتمع0
ب- على المهندس المعمارى الالتزام بمبادئ وتقاليد المهنة في أداء الأعمال المعمارية والتنفيذية للمشروعات والتصدي بشجاعة للدفاع عن هذه المبادئ والتقاليد 0
ج- على المهندس المعمارى دراسة المشروع دراسة متأنية مع تحديد جميع المتطلبات ودراسة العلاقات المختلفة لعناصر المشروع ، أيضا عليه دراسة البيئة العمرانية المحيطة لما لها من تأثير على المشروع ، وذلك للوصول لمشروع معماري ناجح لا يحتاج أي تعديلات أو إضافات
د- على المهندس المعمارى احترام القوانين المنظمة للمشروعات وعدم التحايل عليها 0
ه- على المهندس المعمارى التعرف على أذواق المستعملين واحتياجاتهم وتحديد التصميم الذي يفي بمتطلباتهم 0
و- على المهندس المعمارى عدم الانسياق وراء متطلبات المالك وتنفيذها بدون دراسة رغبة في إرضاءه بل عليه التوضيح والإقناع لما يراه مناسبا 0
7-2- القوانين والتشريعات :
أ- عدم تصريح النقابة للمهندس المعماري بالعمل قبل مرور خمس سنوات على الأقل من تاريخ تخرجه حتى يكتسب الخبرة اللازمة من خلال التدريب في المكاتب المعمارية مع تقديمه ما يفيد مشاركته في التصميم والإشراف على المشروعات المختلفة من خلال المكاتب المتخصصة طيلة هذه السنوات 0
ب- تضمين اشتراطات الترخيص موافقة مهندس معماري استشاري على الرسومات وليس مهندس استشاري نقابي فقط لأن غياب المهندس المعمارى عن المشروعات يمثل اعتداء على البيئة العمرانية 0
ج- ضرورة تقديم استمارة موقعة من مهندس معماري نقابي تفيد موافقته على جميع مراحل التصميم والتنفيذ وتحمله المسئولية الكاملة بمطابقة الرسومات التنفيذية المقدمة للمشروع كشرط أساسي لموافقة توصيل المرافق الخاصة للمشروع 0
د- تقديم استمارة معتمدة بالموافقة من مكاتب معمارية استشارية ذات خبرة في المجالات المختلفة والتي تحددها الجهات المختصة بمراجعة الرسومات التنفيذية المقدمة ليس فقط من حيث المسطحات والبروز والردود والارتفاعات ولكن أيضا مراجعتها من الناحية العمرانية أي وظيفيا وبيئيا واجتماعيا واقتصاديا ودراسة مدى ملاءمتها مع البيئة العمرانية المحيطة 0
ه- وضع القواعد التي تمنع إجراء أي تعديلات داخلية أو خارجية للمشروعات المختلفة إلا بعد تقديم طلب موقع من مهندس معماري نقابي إلى الجهة المختصة مرفق معه رسومات الرخصة الأصلية المعتمدة والرسومات المعدلة لترسلها تلك الجهات إلى المكاتب الاستشارية المعمارية لإبداء الرأي 0
و- تقرير الجزاءات الرادعة -كالإزالة الفورية- إذا لم يلتزم المنفذ والمالك بالرسومات المقدمة وعدم الاكتفاء بتوقيع الغرامات المادية لأن تلك الغرامات تعد مخرجا مناسبا لبعض المخالفين 0
7-3- الجهة المالكة :
يجب أن يتضح من البداية حدود العلاقة العقدية بين المالك والمعماري ، وأن يحدد لكل منهما حقوقه وواجباته ، حتى لا تتداخل الاختصاصات 0
7-4- المستخدم :
على المستخدم إدراك أهمية تواجد المهندس المعمارى في المشروعات وعدم التدخل في اختصاصاته فما عليه إلا تقديم متطلباته واقتراحاته واعطاء الفرصة للمهندس المعمارى لتنفيذ تلك المتطلبات بصورة علمية وفنية 0
العمارة هي أم الفنون وهى أول فن أبدعه الإنسان ليغلف كل أنشطته المعيشية وهى مرآة للمجتمع بكل حضارته وعاداته وتقاليده وقيمه 0
فالمعماري فنان مبدع ، مرهف الحس يعبر عما بداخله من أفكار وخواطر في صورة نتاج معماري أو عمراني0 والمعماري في إبداعه ينجز عملاً فنياً ذو علاقات بصرية وجمالية ووظيفية تتفاعل مع البيئة العمرانية المحيطة .
والمعماري واعي باحتياجات المجتمع وإمكانات المكان والبيئة المحيطة والوسائل والأدوات التي تمكن من استيفاء الاحتياجات وتحقيق الأهداف في ظل ضوابط ومحددات المكان والموارد .
والمعماري قادر على التعامل مع المشاكل بصورة علمية ومنظمة على أسس وقواعد محددة0
وأخيراً فالمعماري قادر على تحويل احتياجات المجتمع إلى علاقات وظيفية لتتحول فيما بينها لفراغات مدروسة تعكس في النهاية صورة لمبنى متميز له فكر ووظيفة ناجحة 0
وقد أصبح لكل مبنى على حدة عملا معماريا مميزا فظهرت الأفكار والمدارس المعمارية التي تضم معماريين ذوى أفكار خاصة ثم تحول العمل المعمارى إلى مسابقات يتنافس فيها معماريون لكل منهم أفكاره التي تعبر عن مدرسة معمارية ينبع منها عمل مميز سليم له بعد جديد 0 (مرجع3ص9)
2- إشكالية البحث :
إن الهدف الأساسي للعمل المعمارى هو إشباع الاحتياجات الإنسانية ، وترجمتها إلى احتياجات فراغية تتناسب مع الأنشطة المختلفة لمختلف نوعيات المستعملين تبعا للفئة العمرية والفكرية والثقافية والمستوى المادي والفكري والاجتماعي .
والواقع أن هذا الهدف يتحقق بنسب متفاوتة من عمل معماري إلى آخر0 ففي بعض الأحيان تكون الفراغات الوظيفية داخل الأعمال المعمارية مصممة بطريقة عشوائية لا تمتلك من مبادئ التصميم المعمارى السليم إلا القليل فضلاً عن أن هناك أعمال معمارية تبدو من الخارج بصورة مشوهة متدهورة .
وهنا تظهر المشكلة الأساسية : ما سبب تدهور التصميم المعماري ؟
هل هو تقليص دور المهندس المعمارى ذي الدراسة والمعرفة لعناصر التصميم المعمارى والتشطيبات المناسبة أم غيابه نهائياً في بعض الأحيان من مسرح العمل والإنتاج المعمارى أم قصور القوانين واشتراطات البناء والتي لم تعطه دورا واضحا وثابتا ، رغم أن المهندس المعمارى هو حلقة الوصل بين القوانين المشرعة والمالك والمستخدم والمعايير المحددة للعمل المعمارى ، وهو الوحيد القادر على خلق التوافق والتناغم بين كل هذه العناصر0
لما سبق كانت هذه الورقة البحثية للوقوف على إمكانية السيطرة على هذا الخلل العمراني .
3- متطلبات العمل المعمارى الناجح :
يتطلب العمل المعمارى الناجح توافر عدة عناصر حتى يحقق بكفاءة الدور الذي أنشأ من أجله . فالمباني ما هي إلا أغلفة لفراغات تخدم الأنشطة الإنسانية المختلفة التي تحتاج عند مزاولتها مسطحات وبنية بشكل معين .
3-1- التوافق الوظيفي :
تختلف متطلبات التوافق الوظيفي من عمل معماري إلى آخر باختلاف نوع الأنشطة اليومية التي تمارس داخل هذه الفراغات والعلاقات فيما بينها 0 وهى تتطلب دراسة أبعاد الإنسان أثناء ممارسة الأنشطة داخل الفراغات كذلك دراسة وحساب مسطحات الفراغات المختلفة وتوفيق العلاقات فيما بينها وكيفية توزيعها وظيفياً .
ويقاس نجاح المهندس المعمارى بمقدار تفوقه في دراسة عناصر المشروعات المختلفة وحساب مسطحاتها وإيجاد شبكة العلاقات المختلفة بين تلك العناصر، ليقدم في النهاية مبنا ناجحا وظيفيا لا يتطلب تعديلات وإضافات من المستخدمين .
3-2- التوافق الإنشائي :
ويحددها المهندس المعمارى حسب تصوراته وتصميماته المعمارية ، ووفقاً لطبيعة المشروع وفراغاته واستخداماته0 ويكمل هذا الدور المهندس الإنشائي بحساباته ليحقق- بقدر الإمكان- فكر المهندس المعمارى .
والمهندس المعمارى على معرفة تامة بعناصر وطرق الإنشاء وإمكانياتها المعمارية والإنشائية وهو يدرس أيضا طبيعة المواد والخامات المختلفة وطرق استخدامها 0
3-3- التوافق الجمالي :
تظهر الناحية الجمالية ( التشكيلية) ، الفكرة المعمارية والإنشائية وتحقق الراحة النفسية للناظر إليها، فهي الرسالة الموجهة من المعمارى إلى المجتمع تعبيرا عن قدراته الإبداعية في إنتاج عمل متميز يبرز طبيعة وطراز المشروع المعمارى ويعكس استخداماته واحتياجاته الوظيفية في صورة جمالية معبرة عن حقيقة التكوين المعمارى .
3-4- التوافق البيئي :
تشمل البيئة كل ما يحيط المشروع المعمارى من ظروف مناخية أو جيولوجية أو عمرانية أو صناعية وهذه الظروف تختلف من موقع لآخر .
والعمل المعمارى الناجح هو العمل المتوافق مع البيئة المحيطة ، يتفاعل مع كل عنصر من عناصرها والمعماري هو الوحيد القادر على تحقيق هذا التوافق من خلال دراسته الجامعية وخبراته العملية باستخدامه المفردات التشكيلية المختلفة والعناصر الطبيعية والصناعية للتحكم في عناصر البيئة كالتوجيه المناسب والانسجام مع الموقع .
3-5- التوافق الاجتماعي :
لكل مجتمع عاداته وتقاليده التي تؤثر وتتأثر بالنتاج المعمارى ، ويعتمد المقياس الأساسي لمدى نجاح العمل المعمارى في قدرته على تحقيق متطلبات واحتياجات المستخدمين في ضوء ظروفهم الاجتماعية والثقافية والمادية ، وتوفير الخصوصية بأنواعها ومستوياتها المختلفة ، وبالتالي تمكن المهندس المعمارى من تحقيق الراحة النفسية لمستخدمي المباني والفراغات المختلفة دون الحاجة إلى إجرائهم تعديلات في الفراغات لتحقيق ما يفتقدونه 0
3-6- التوافق الاقتصادي :
يتحكم الوضع الاقتصادي للمجتمع في النتاج العمراني ، وتختلف المعايير الاقتصادية من منطقة عمرانية إلى أخرى ومن مجتمع إلى آخر .
والمهندس المعمارى عليه الموازنة بين الإبداع المعمارى ، بمتطلباته وتكاليفه وبين الجدوى الاقتصادية لهذا الإبداع ، فالمطلوب منه الوصول إلى نهاية المشروع دون تجاوز التكلفة المقررة ومع الالتزام بالقواعد والمعايير المعمارية الصحيحة وإضفاء الناحية الجمالية والتشكيلية واستخدام المفردات المعمارية المناسبة لانتاج عمل معماري مناسب ذو كفاءة عمرانية .
4- تدهور العمل المعماري :
مما سبق توضيحه فإن العمل المعمارى السليم هو العمل الذي يفي بالمتطلبات الوظيفية والإنشائية والجمالية والبيئية والاجتماعية والاقتصادية كمطالب أساسية مرتبطة بتحقيق احتياجات الإنسان .
ونظراً لشمولية هذه الاحتياجات ، والارتباط الوثيق فيما بينها ، لدرجة يصعب معها فصل إحداها عن الأخرى ، فإن غياب إحدى هذه المتطلبات في العمل المعمارى يؤدى إلى خلل في هذا الناتج يؤثر على جميع جوانبه وعلى المنتج النهائي0(مرجع4ص21) وهنا تظهر أهمية دور المهندس المعمارى في التوفيق بين هذه المتطلبات ، ويترتب على غيابه فقد أحد الوظائف الأساسية للناتج المعمارى على النحو التالي :
4-1- فـقـد التوافق الوظيفي :
يتمثل الفقد الوظيفي في إسقاط عنصر من عناصر المشروع أو تحديد فراغات ذات مسطحات وأحجام أكبر أو أقل من المطلوبة لتأدية الأنشطة المصممة لها أو عشوائية توزيع الفراغات المعمارية مما يؤدى إلى ضعف العلاقات الهامة فيما بينها أو تغيير الوظيفة الأساسية للأعمال المعمارية .
وهنا يتدخل المستعملون بإجراء التعديلات والإضافات في الأعمال المعمارية بحرية تامة ، شعورا أن ملكيتهم للفراغ الوظيفي الداخلي تعطيهم الحق في تغيير التشكيل الخارجي ، رغم أنه ملكية عامة وذلك في غياب المهندس المعمارى مما يؤدى إلى تشويه المباني خارجياً على الواجهات وداخلياً في إعادة تشكيل وتوزيع الفراغات وتغيير استخداماتها ، بهدم حوائط وبناء أخرى دون التقيد بالنظام الإنشائي المتاح ، فالمهندس المعمارى يستخدم مجموعة من الأسس والمعايير الملائمة لكل مشروع وهى تقع ضمن مخزونه الفكري من خلال العملية التعليمية أو خبرته أو دراسته لأعمال مشابهة .
4-2- فـقـد توافق التصميم الإنشائي :
وهى تعنى الفشل في تحقيق الملاءمة الإنشائية للفراغات لسهولة استخدامها في الغرض المصممة من أجله .
فغياب المهندس المعمارى في تصميم أي مشروع يجعل المهندس الإنشائي يعمل في حرية تامة بدءً من اختيار نظام الإنشاء ثم تحديد مقاسات الأعمدة واتجاهاتها وشكلها 0 فتحديد اتجاه الكمرات وسمكها ومقدار سقوطها في الفراغات المعمارية دون التقيد بالشكل المعمارى النهائي لهذه الفراغات ومدى ما سيعانيه المستخدم في إجراء التعديلات والتغييرات المرتبطة بالتكوين الإنشائي لاصلاح ما شكله مهندس غير مختص .
كذلك يعانى المشروع في ظل غياب المهندس المعمارى من سوء اختيار المواد المستخدمة وألوانها وشكلها وطريقة تركيبها سواء داخل المبنى أو خارجه أو على واجهاته مما يعنى فشل المنتج النهائي في تحقيق الكفاءة لمستخدمي هذا المشروع .
4-3- فـقـد التوافق الجمالي :
وهو يعنى عدم نجاح المشروع النهائي في تحقيق الملاءمة الجمالية خارجيا مع البيئة المحيطة وداخليا مع مستخدمي الفراغات .
فغياب المهندس المعمارى يؤثر على توازن التشكيل المعمارى كالمقياس والنسب واختيار الخامات والألوان وطريقة توزيع الأثاث داخل الفراغات واختيار الفتحات الداخلية والخارجية لتتناسب مع الاستخدامات ، كذلك دراسة كميات الإضاءة الطبيعية والصناعية اللازمة للفراغ .
ومرة أخرى يبدأ المستخدمون في إجراء التعديلات والإضافات الغير مدروسة لاصلاح ما أفسده غير المعمارى وربما تكون النتيجة أسوأ من ذي قبل أو لا تؤدى الغرض المرجو منها.
4-4- فـقـد التوافق البيئي :
ويتمثل في عدم توافق المباني الحديثة مع البيئة العمرانية المحيطة واستخدام خامات ومواد نهو وعناصر ومفردات معمارية غير مناسبة بيئياً وغير متجانسة مع ما حولها ، كذلك الافتقار إلى الراحة الحرارية داخل الفراغات نتيجة خطأ التوجيه والمعالجات الخارجية ، أيضا استخدام ألوان غير مناسبة بيئيا ووظيفياً وانعدام التناغم فيما بينها ومع ما حولها من مباني.
فالبيئة العمرانية الناجحة هي تلك التي تحوى أعمال معمارية ناجحة ومنسجمة مع بعضها وهنا يظهر دور المعمارى واضحاً في إنجاح هذا العمل بدراسته وخبرته في تخطيط وتشكيل التصميم العمراني ليتناسب وظروف البيئة المحيطة 0
والمعماري دارس جيد للبيئة وظروفها ومشاكلها وقادر على معالجة مبناه لكي يتوافق بيئيا مع ما حوله من عناصر مثل تجانس مبناه عمرانياً مع البيئة المحيطة باستخدام طرز ومفردات وألوان منسجمة مع المحيط العمراني ، كذلك تشكيل الكتل المعمارية لتحوى فراغات تلعب دوراً بيئيا هاماً وتوجيه تلك الكتل لتتناسب مناخياً مع البيئة الحرارية
فغير المعمارى ليس له القدرة على الابتكار والتصميم لذلك فهو يصمم بفكر محدود وسرعان ما يكرر تصميمه في البيئات المختلفة دون التقيد أن ما يصلح لبيئة لا يناسب بيئة أخرى .
4-5- فـقـد التوافق الاجتماعي :
كما ذكر سابقا فإن غياب المهندس المعمارى يجعل التصميم العمراني ذو فراغات غير مدروسة تفتقد الخصوصية البصرية والسمعية كذلك تفتقد الخصوصية سواء على مستوى تخطيط المباني وعلاقتها مع بعضها أو على مستوى المبنى نفسه من حيث فراغاته الداخلية مما يجعل المستخدم يشعر دائما بعدم الارتياح والرضا ويلجأ في أحيان كثيرة إلى إغلاق فتحات أو تضييق مسطحاتها حتى يعيد الخصوصية المفتقدة ، وفى بعض الأحيان يلجأ إلى استخدام مواد لها صفات العزل البصري أو السمعي وبالتالي تشويه الواجهات الخارجية للمباني .
فكما يدرس المهندس المعمارى موقع مشروعه بيئيا يدرس أيضاً طبيعة موقع المشروع من الناحية الاجتماعية لمعرفة متطلبات المستخدمين لتلبية احتياجاتهم قدر الإمكان واحترام عاداتهم وتقاليدهم فيؤثر ذلك على المشروع النهائي وتتلاشى تقريباً عمليات تغييرات وإضافات المستعملين سواء داخلياً أو خارجياً .
4-6- فـقـد التوافق الاقتصادي :
أدى الركود الاقتصادي إلى محاولة التوفير قدر الإمكان في جميع الأعمال التصميمية والتنفيذية عند إقامة المشروعات ، فقد يشمل التوفير تقليص دور المهندسين القائمين على تصميم وتنفيذ المشاريع المعمارية ولأنه من المستحيل توفير المهندس الإنشائي خوفاً من انهيار المنشأ والتعرض للمسئولية ، إلا أنه يمكن توفير المهندس المعمارى والكهرباء والميكانيكي ، فإما بأن يتولى المهندس الإنشائي التصميم الكامل للمشروع لخفض تكلفة الرسومات أو يقوم المالك بالتصميم المعمارى للمشروع ويترك للإنشائي مهمة التصميم الإنشائي ويشاركه التنفيذ لمحاولة التوفير .
أيضاً قد تلجأ الجدوى الاقتصادية للمالك إلى العمل على خفض المسطحات لوحدات المشروع بغرض الحصول على عدد أكبر من هذه الوحدات 0 إلى جانب النزول بمستوى تشطيبات الأعمال المعمارية والإنشائية عن طريق استخدام مواد قليلة الجودة والكفاءة المهم هو الأرخص كذلك محاولة تخفيض الأعمال التكميلية قدر الإمكان ، وفى النهاية منتج معماري سيئ من حيث التصميم والإشراف0 وتبدأ المشكلة من قبل المستخدمين في إعادة التصميم والتشطيب الداخلي والخارجي لوحداتهم مما يؤثر على وحدة المنتج المعمارى داخليا وخارجيا مما يشوه البيئة العمرانية0
والسؤال الذي يجب أن نطرحه : هل توفير أتعاب المهندس المعمارى خدم المشروع أم أدى إلى تشويهه ؟
إن دور المهندس المعمارى هو التوافق بين التصميم الناجح في ظل الجدوى الاقتصادية المتاحة للمشروع وهو ما لا يستطيع أن يتوصل إليه أي مهندس في تخصص آخر أو أي شخص
6- الدراسة التحليلية :
تم اختيار نموذجين لفيلتين في إحدى مدن التجمعات العمرانية الجديدة ، مدينة العبور- الحي السابع المتميز فيلات 0 هذه المنطقة تعد من المناطق الراقية في مدينة العبور ، وهى منطقة فيلات فقط لذا فقيمة الأراضي فيها مرتفعة الثمن عن باقي أحياء المدينة 0
ومع ذلك ورغم ثقافة الملاك فان النهج واحد وهو محاولة التوفير قدر الإمكان بداية من المهندس المعمارى واستخدام خامات رديئة لا تتفق مع البيئة العمرانية المحيطة وكون المبنى فيلا سكنية تتسم بنوع من الفخامة 0
والنتيجة مبنى غير متوافق بيئيا مع المحيط العمراني فضلا عن أخطاء التصميم الداخلي وتشويه الفراغات الداخلية وعلاقاتها فيؤدى ذلك إلى خلل في الوظيفة والجمال المعمارى وفقد للخصوصية المطلوبة وفي النهاية إجراء بعض التعديلات من قبل المستخدمين لاصلاح ما أفسده غير المعمارى وللبحث عن العناصر والمحددات المطلوبة مما يزيد من التكلفة المحددة لاقامة المشروع 0
7- التوصيات :
يتضح من الدراسة السابقة أن غياب المهندس المعمارى في أي مرحلة من مراحل تصميم وتنفيذ المشروع يؤدي إلى ضياع الهوية العمرانية المحددة للمنطقة ويصل بنا إلي عشوائيات التصميم على المستوى العمراني فيتدخل غير المعمارى لاقتراح ولتنفيذ الرغبات الشخصية للمستعملين دون علم أو دراسة أو خبرة 0
وللارتقاء بالبيئة العمرانية لابد من تفعيل دور المهندس المعمارى في المشروعات العمرانية بمجموعة من المحددات أهمها :
7-1- المهندس المعمارى :
أ- الارتقاء بالمهندس المعمارى شخصيا ذلك من خلال دوام تطوير الدراسة الجامعية وتنمية فكره لمواكبة التطور التكنولوجي الحديث فهو المؤثر الفعال في الرقى بذوق المجتمع0
ب- على المهندس المعمارى الالتزام بمبادئ وتقاليد المهنة في أداء الأعمال المعمارية والتنفيذية للمشروعات والتصدي بشجاعة للدفاع عن هذه المبادئ والتقاليد 0
ج- على المهندس المعمارى دراسة المشروع دراسة متأنية مع تحديد جميع المتطلبات ودراسة العلاقات المختلفة لعناصر المشروع ، أيضا عليه دراسة البيئة العمرانية المحيطة لما لها من تأثير على المشروع ، وذلك للوصول لمشروع معماري ناجح لا يحتاج أي تعديلات أو إضافات
د- على المهندس المعمارى احترام القوانين المنظمة للمشروعات وعدم التحايل عليها 0
ه- على المهندس المعمارى التعرف على أذواق المستعملين واحتياجاتهم وتحديد التصميم الذي يفي بمتطلباتهم 0
و- على المهندس المعمارى عدم الانسياق وراء متطلبات المالك وتنفيذها بدون دراسة رغبة في إرضاءه بل عليه التوضيح والإقناع لما يراه مناسبا 0
7-2- القوانين والتشريعات :
أ- عدم تصريح النقابة للمهندس المعماري بالعمل قبل مرور خمس سنوات على الأقل من تاريخ تخرجه حتى يكتسب الخبرة اللازمة من خلال التدريب في المكاتب المعمارية مع تقديمه ما يفيد مشاركته في التصميم والإشراف على المشروعات المختلفة من خلال المكاتب المتخصصة طيلة هذه السنوات 0
ب- تضمين اشتراطات الترخيص موافقة مهندس معماري استشاري على الرسومات وليس مهندس استشاري نقابي فقط لأن غياب المهندس المعمارى عن المشروعات يمثل اعتداء على البيئة العمرانية 0
ج- ضرورة تقديم استمارة موقعة من مهندس معماري نقابي تفيد موافقته على جميع مراحل التصميم والتنفيذ وتحمله المسئولية الكاملة بمطابقة الرسومات التنفيذية المقدمة للمشروع كشرط أساسي لموافقة توصيل المرافق الخاصة للمشروع 0
د- تقديم استمارة معتمدة بالموافقة من مكاتب معمارية استشارية ذات خبرة في المجالات المختلفة والتي تحددها الجهات المختصة بمراجعة الرسومات التنفيذية المقدمة ليس فقط من حيث المسطحات والبروز والردود والارتفاعات ولكن أيضا مراجعتها من الناحية العمرانية أي وظيفيا وبيئيا واجتماعيا واقتصاديا ودراسة مدى ملاءمتها مع البيئة العمرانية المحيطة 0
ه- وضع القواعد التي تمنع إجراء أي تعديلات داخلية أو خارجية للمشروعات المختلفة إلا بعد تقديم طلب موقع من مهندس معماري نقابي إلى الجهة المختصة مرفق معه رسومات الرخصة الأصلية المعتمدة والرسومات المعدلة لترسلها تلك الجهات إلى المكاتب الاستشارية المعمارية لإبداء الرأي 0
و- تقرير الجزاءات الرادعة -كالإزالة الفورية- إذا لم يلتزم المنفذ والمالك بالرسومات المقدمة وعدم الاكتفاء بتوقيع الغرامات المادية لأن تلك الغرامات تعد مخرجا مناسبا لبعض المخالفين 0
7-3- الجهة المالكة :
يجب أن يتضح من البداية حدود العلاقة العقدية بين المالك والمعماري ، وأن يحدد لكل منهما حقوقه وواجباته ، حتى لا تتداخل الاختصاصات 0
7-4- المستخدم :
على المستخدم إدراك أهمية تواجد المهندس المعمارى في المشروعات وعدم التدخل في اختصاصاته فما عليه إلا تقديم متطلباته واقتراحاته واعطاء الفرصة للمهندس المعمارى لتنفيذ تلك المتطلبات بصورة علمية وفنية 0